• لقد جاع منصور وتغرّب وتعب، وهو الآن يركض وراء لقمة الخبز. نعم وراء لقمة الخبر التي تحوّلت إلى شيء يشبه السراب، أما الذين توهم أنه علق مشانقهم فما زالوا في أماكنهم، يتطلعون إلى القمر وهم يتمطون بكسل، يداعبون شعور النساء وعيونهم نصف مغمضة وقد امتلأوا خدراً من النعومة والويسكي! وفي النهار تفتح لهؤلاء أبواب السيارات، ويدققون الأرصدة مثل المرابين ليتأكدوا أن كل شيء يسير كما ينبغي!

  • رواية تنتمي إلى أدب السجون عبر فيها عبد الرحمن منيف عن وضع سياسي محتقن تعيشه شعوب العالم العربي ويقع ضحيته شباب الوطن المتحمسين للحرية. وهي تواصل رحلة عبد الرحمن منيف في سجون العالم العربي بعد رواية شرق المتوسط التي نشرها من قبل 15 سنة وكأنه يقول أن مرور الزمن في هذا المكان من العالم ليس له تأثير على العلاقة بين السلطة والمواطنين. وكما في شرق المتوسط فالمكان والزمان غير محددين بل انهما مموهان حيث يخترع منيف دولتين (عمورية وموران) هما صورتان لواقع تعيشه شعوب الوطن العالم العربي عامة

  • الجنرال في متاهته حكاية مؤثرة عن سيمون بوليفار، يتتبع فيها غابرييل غارسيا ماركيز ، الحائز على جائزة نوبل للآداب، خطوات بطل تتلاشى قوته ويتم نسانه في رحلته الأخيرة ، حيث يقوم الجنرال سيمون بوليفار ، الملقب بـ "المحرر" ، والذي حرر خمس دول في أمريكا الجنوبية برحلة مجنونة في نهر مجدلينا، ويعاود زيارة المدن التي سبق أن زارها، ويكشف عن خسارته... وإنتصاراته... وعواطفه... والخيانات التي تعرض لها... فيقدم لنا صورة جنرال دائم الإبهار، عاش بإندفاع غير عادي الحب والحرب والسياسة، والحلم بتوحيد القارة الذي كان عصياً على التحقق.

    إنه نموذج مؤثر لكل ما هو ممكن أن يكتسب ويفقد في الحياة .

  • ضللنا الطريق فما عسانا فاعلين؟ الشيطان يجرّنا هنا وهناك ويديرنا إلى كل الجهات بهذه الأبيات من بوشكين، وبمقطع من انجيل لوقا عن الشياطين التي دخلت في الخنازير يفتتح دوستويفسكي روايته التي يعطيها عنوان "الشياطين". أما الشياطين فهم أولئك الذين يتصارعون على روسيا وليس من أجلها.

    في العام 1871 نشر دوستويفسكي الجزء الأول من روايته هذه، وتلك المرحلة كانت مرحلة الانقسامات والأفكار المتصارعة، حيث تنمو أفكار الاشتراكية، والأفكار التي تدعو إلى التحرّر من سلطة الكنيسة، وحيث سلطة الدولة تبدو أضعف، وروسيا ترى نفسها أقل من ألمانيا وبقية أوروبا. عبر نماذج يختارها دوستويفسكي بعناية، من المجتمع الروسي، وهي نماذج لشخصيات حقيقية في جزء كبير منها ، يقدّم لنا صورة عن المجتمع الروسي في تلك الأيام، وعن النقاشات الواسعة التي كانت تدور حول الأفكار الجديدة، وحول رغبة رؤية روسيا في مصاف الدول الأكثر تحضّراً، وحول حياة الشعب الروسي. وتشكّل المناقشات حول القضايا الأدبية وحول الدين والايمان، وحول الخير والشرّ، والارستقراطية، والديمقراطية، وحرية التفكير، والصراع بين العلم والدين... الخلفية التي يبني عليها دوستويفسكي نماذج شخصياته.

  • في هذه الرواية سنتلمَّس الأغوار العميقة التي سينفذ اليها دوستويفسكي، والأعماق الميتافيزيقية التي ستذهب إليها رواياته في الغوص عميقاً في أبعاد الشخصية الإنسانية، وخاصة في تصوير حياة الفقراء والمهمَّشين والدخول إلى عوالمهم النفسية التي ستدور حولها معظم رواياته. فالبَطلان في هذه الرواية مضطهَدان معذَّبان مذَلّان مهانان، يوقع فيهما الأشرار كل أنواع الظلم، ويتحملان من الفقر ما لا يُطاق. فيتحمّل ماكار الذلّ والجوع ويضحّي بكل ما يمكنه الحصول عليه، وهو قليل جداً، في سبيل الفتاة المسكينة التي لا يكاد يراها، ولا يجرؤ أن يزورها مخافة النمائم. إنه يرتضي لنفسه الحرمان من أجل إسعادها فيرسل اليها هداياه الصغيرة متحمِّلًا البرد والجوع والإذلال. عبر الفقر الذي يعانيه ماكار ديفوشكين يكشف دوستويفسكي عن كل الفقر الذي يحيط به، وحين يهمّ الرجل أن يشكو ويتذمر من العذاب الذي يقاسيه الخيرون في هذا العالم، نراه يعود ليتراجع عن الشكوى والتذمر، مسلّمًا بالواقع، مذعناً لمشيئة القدر، همّه فقط أن يسعد غيره بسذاجة تحمل ببساطتها روحاً إنسانية مدهشة.

  • يضم هذا الكتاب عدداً من الدراسات والمحاضرات والمقالات التي تتناول جوانب من فن الرواية إجمالاً، ويولي اهتماماً خاصاً بتبيان الأشكال والمعالم المميزة للرواية العربية الحديثة، سواء من حيث بنياتها أم في مناخاتها، أم في ارتباطها بمشاكل الواقع العربي وطبائع الناس ومزاجاتهم، وكذلك في العلاقة مع جذور القص في تراثنا العربي.. وهذه كلها مسائل جديدة تكتسب أهمية خاصة واستثنائية، كونها تصدر عن كاتب روائي عربي كبير له تجربته الإبداعية والعميقة والخصبة. كما يضم الكتاب العديد من الحوارات التي تناولت مسيرة عبد الرحمن منيف الروائية والحياتية والفكرية والسياسية، ونظرته إلى آفاق الرواية وعالمها، إلى الأمكنة والأزمنة، إلى اللغة ودورها ودعوته للغة وسطى.

    إنه عمل يحمل وجهة نظر روائي كبير، يقدم إسهاماً له خصوصيته في مجالات النقد الأدبي وقضايا الإبداع

  • على الرغم من أن دوستويفسكي أملى الرواية على سكرتيرة، وانتهى منها في أقل من شهر، فإنها جاءت نابضة بالحياة، ولقيت إقبالًا تجاوز معظم ما كان قد نشره دوستويفسكي من قبل. خاصة وأن فيها شيئًا مما عاشه وجرّبه بنفسه. في هذه الرواية نرى تمزقات البطل ألكسي إيفانوفتش الذي يأسره حبّان جامحان، أولهما حبه الشديد لباولين القاسية غريبة الأطوار، والثاني الهوى الجارف لمائدة الروليت. إن حبه لباولين هو مزيج من رغبة بالاستسلام، ورغبة بالهروب، إنه حب وبغض معًا، فألكسي يعترف لباولين بأنه يجد عبوديته لها ملذات كبيرة، فيقول لها أن في المذلة والسقوط متعة عظمى، وفي اللحظة التي تتقبل فيها حبه وتبادله مشاعره يفر.. أما هوى المقامرة، فإن دوستويفسكي يصوره كنوع من الافتتان، السحر، الهذيان، بل نوع من التحدي للقدر. لكن بطل دوستويفسكي، ينتهي إلى اعتبار أن هذا الجموح عاث في نفسه فسادًا فتخلى عنه آخر الأمر.

    إن الترجمة التي يقدمها الدكتور سامي الدروبي لهذه الرواية البديعة تمنحنا القدرة على التمتع بهذا العمل الكبير، فكانت ترجمة لا تُضاهى.
  • أم النذور، رواية ذلك الطفل في مواجهته الأولى للحياة خارج منزله. عالم الكتاب حيث الشيخ زكي الذي يقوم بتعليم الأطفال، وأداته الأساسية في التعليم: قضبان متفاوتة الأطوال. إنه رمز لعملية التطويع. أماكن طالما سمع أسماءها، وتأثيراتها في المجتمع: أم النذور، الشيخ مجيب، الشيخ درويش، النهر، الموت، شخصيات المجتمع الهامشية...

    خوف شديد مستبد، يواجه الطفل سامح منذ ملامساته الأولى للمجتمع، ذلك الخوف الذي يجعل الجميع خاضعين لقوى ولأساطير ولأوهام تجعلهم عاجزين عن المواجهة، فيتحولون مثل أمه الخاضعة لوالده، كما لتلك المرأة التي تكتب الرقى أو تحضر الأدوية المرة كالعلقم.

    "أن النذور، هذه الشجرة المقدّسة، حتى الآن، إذا جلست النسوة في باحات البيوت، أيام الصيف والخريف، وهبت ريح من جهة الغرب حاملة معها رائحة الرطوبة، تتنسم كل امرأة رائحة أم النذور، وتغمض عينيها وتتمنى!

    والقصص التي تروي عن الأماني المستجابة كثيرة ومتداخلة، ثمارها أكثر من أوراقها... تشفي من الأمراض وتعيد المسافرين وتكشف المسروقات. حتى أن بركات الشيخ وأن النذور أصابت الجميع.

  • هذا الكتاب الذي يحمل عنوناً محدداً: "بين الثقافة والسياسة" يهدف بالدرجة الأساسية إلى طرح عدد من المشاكل، هي أقرب إلى الأسئلة أكثر مما يدعي تقديم الإجابات الكاملة أو الحلول.

    فعلاقة الثقافة بالسياسة إشكالية كبرى في هذه المرحلة، لأن الخيبات الكثيرة التي تلاحقت خلال المراحل الأخيرة ولدت مناخاً ملتبساً، وهذا المناخ حمل معه أوهاماً، الأمر الذي يقتضي فتح حوار واسع من أجل الوصول إلى صيغة جديدة تحدد العلاقة بين الثقافة والسياسة وبين المتثقفين والسياسيين.

    وما يقال عن الثقافة والسياسة، يقال عن علاقة الإعلام بالثقافة ودور المثقف في المرحلة الراهنة، والنظرة إلى عصر النهضة، الصعود والإخفاق، وأيضاً الانهيار الكبير والمدوي للاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي دون أزمة سياسية أو هزيمة عسكرية، وحول تأثير النفط على المنطقة العربية بأسرها. هذه الموضوعات، وأخرى غيرها، رأيت أن تطرح كإشكاليات تتطلب إعادة الدرس والتأمل، لأن عن هذا الطريق يمكن أن نقرأ الأحداث والظواهر قراءة هادئة وموضوعية، تمهيداً لفهمها ثم التعامل معها بصيغة أفضل.

  • Out of stock

    في هذا العمل الجميل الذي يدور حول "عمّـان في الأربعينات" ترتبط الكتابة الروائية، بالجسد والتعبير، فتستحضر الأشخاص كما حفظتهم الذاكرة، كيف عاشوا وكيف كانت العلاقة معهم، كما يستحضرون بالرسم على الورق، فهذا عارف الفران والقرطباوي والشيخ سليم والشيخ زكي وأم علي الشرشوحة والجمعان وأم متري.. وقد تجسدوا عبر جمع صورة الذاكرة مع الرسم. يعيدنا عبد الرحمن منيف، إلى عمّـان الأربعينات، مقدماً وثيقة هامة لمدينة عمّـان وأشخاصها، حددت مصير جيلين، وكانت عقدة لمسيرة فاجعة في تاريخنا المنكوب من الأربعينات وحتى اليوم.

  • هل يمكن أن ترمم إرادة انسان لم تعد تربطه بالحياة رابطة؟ أنا ذاك الإنسان. لا لست انساناً، السجن في أيامه الولى حاول أن يقتل جسدي. لم أكن أتصور أني أحتمل كل ما فعلوه، لكن احتملت. كانت إرادتي هي وحدها التي تتلقى الضربات، وتردها نظرات غاضبة وصمتاً. وظللت كذلك. لم أرهب، لم أتراجع: الماء البارد، ليكن. التعليق لمدة سبعة أيام، ليكن. التهديد بالقتل والرصاص حولي تناثر، ليكن. كانت ارادتي هي التي تقاوم. الآن ماذا بقي فيّ أو مني؟

    تعد رواية شرق المتوسط واحدة من الروايات التأسيسية في المدرسة الواقعية الاشتراكية العربية فعبد الرحمن منيف يرى أن المناخ العام المليء بالقهر والاستبداد واللامنطق وغياب الديمقراطية وتغييب الشعب هو الذي أفرز الموضوعات الروائية الجادة موضوع هذه الرواية

  • في هذه التحفة الأدبية، يسرد لنا ماركيز قصة حياته منذ ولادته في العالم 1927، مرورًا بمراحل دراسته حيث ظهرت شخصية الكاتب، ثم بدايات مشروعه في الكتابة، وصولًا إلى لحظة فارقة في فترة الخمسينات عندما تقدّم لخطبة المرأة التي ستصبح زوجته.

    في هذه السيرة سنكتشف كيف أن السحرية التي طبعت أعمال ماركيز، أساسها في غرائبية أفراد عائلته، وفي التأثير الكبير لأمه وجده. سنتعرف إلى مرحلة عمله المضني في مجال الصحافة التي بقيت تجذبه، إلى الأصدقاء والمعلمين الذين شجعوه وساندوه، والأساطير والأسرار المحيطة ببلده الحبيبة كولومبيا. سنتعرف إلى تفاصيل شخصية ماركيز التي ستظهر لنا لاحقًا.. وفوق كل ذلك سندرك أنه طوال حياته تملّكته رغبة مستعرة في أن يصبح كاتبًا.

    وكما في أعمال ماركيز الأدبية، فإن الراوي هنا هو مراقب ملهم لعالمنا الحي، من خلاله تتوضّح وتتعيّن العواطف والرغبات الكامنة في عمق الحياة، التي هي، في هذا الكتاب، حياته هو..

  • في عيد ميلاده التسعين يقرر بطل هذه القصة، الصحفي المغمور والأعزب الهرم، أن يهدي نفسه ليلة ماجنة مع مراهقة عذراء. العذراء التي قدمتها صديقة قوادة قديمة، هي شابة صغيرة ذات جمال من نوع خاص، تتحول الليلة الساخنة إلى سنة من التغيرات الكبرى في حياة البطل. يعيش من خلال ذكرياته المتدفقة مرة أخرى وقائع مغامراته الجنسية مدفوعة الأجر وتجاربه في بوح يوصله إلى حافة الموت، ليس بسبب كبر السن، ولكن بسبب حب نقي خالص طال انتظاره. ذكريات غانياتي الحزينات تحفة مذهلة يرويها معلم محترف.

     
  • في رواية الجارة التي كتبها دوستويفسكي الشاب، يقول على لسان كاترين بطلة الرواية: "هب الحرية لإنسان ضعيف، يرفضها هو نفسه ويردها إليك." وهو بهذا يطرح مشكلة الحرية والإرادة، التي سيعود إليها في عدد من رواياته. فكاترين تريد أن تهب الحب الصادق لإنسان جدير بها، لكنها لا تستطيع أن تتحرر من قيود أخطاء الماضي، وهذا ما تتصف به ناستازيا بطلة رواية "الأبله"، وأيضًا جروشنكا بطلة "الأخوة كارامازوف".

  • في تعليقه على رواية "حلم العم" قال دوستويفسكي: "كان همي الوحيد حين كتبت في سيبيريا هذه الرواية الأولى بعد المعتقل أن أستأنف حياتي الأدبية، وكنت خائفًا من الرقابة خوفًا كبيرًا، لذلك جاءت وجلة كحمامة، بريئة براءة تامة من الممكن أن تصنع منها مسرحية هزلية". هكذا كانت رواية حلم العم، كأنما أراد دوستويفسكي أن يبتعد عن تصوير حالة الفقر والبؤس والنفوس الطيبة عن طريق رواية تصوّر حياة الأرستقراطية الروسية بصورة هزلية. فالشخصية الأساسية: "العم" هو أمير أرستقراطي روسي مفتون بالغرب، يعرف أوروبا الغربية أكثر مما يعرف روسيا، ويريد أن يتزوج من كونتيسة فرنسية. تدرك مجموعة من نساء الأرستقراطية الروسية شغف الأمير، وتدور منافسة على من منهن ستزوجه من ابنتها. وتدخل السيدة الأشهر في المدينة المنافسة وتقرر فجأة أن تزوج الأمير من ابنتها زينا الفتاة الجميلة. ترضخ الفتاة لرغبة أمها، وتفتنه لأنها غنّت أغنية فرنسية وهي تعزف على البيانو. إن دوستويفسكي حين صوّر هذه الشخصية إنما قدّم للقارئ صورة كاريكاتورية للأرستقراطية المنحلة المفتونة بحب الغرب. وسنرى نظيرًا لهذه الصورة الكاريكاتورية، بمزيد من السخرية اللاذعة، في رواية "الشياطين".

  • في هذه الرواية البديعة تُروى قصة سييرفا ماريا دي تودوس لوس أنخيلس، طفلة في الثانية عشرة من عمرها، وابنة غير مرغوب فيها للماركيز كاسالدويرو وزوجته الثانية، الخلاسية الشبقة برناردا كابريرا. وبسبب كراهية الأم لسييرفا وعدم اهتمام الأب الماركيز بالطفلة، تتولّى العبدة الزنجية دومينغا دي أديفينيتو تربيتها؛ وسط عبيد زنوج، يؤمنون بتقاليد اليوربا، تعيش الطفلة سعيدة. لكن مصير سييرفا يتبدّل عندما يعضّها كلب. وحين يعلم الماركيز بأمر هذا الحادث، يأخذ ابنته إلى الطبيب اليهودي أبرينونثيو، الملحد والمتنوّر، فيجد أن الطفلة غير مصابة بداء الكَلَب ولكن ما يلاحظه هو مشكلة نقص في السعادة. يذهب الماركيز في ما بعد لرؤية المطران ويعترف له بنزوعه إلى الشك وفقدانه الإيمان، كما يخبره بحالة ابنته. فيؤكد المطران، ممثل محاكم التفتيش، أن الطفلة مصابة بمس من الشيطان، وأنه لابد من طرد الشيطان منها من أجل خلاصها. بعد هذه الزيارة يقرر الماركيز إدخالها دير سانتا كلارا.

  • في هذه الرواية نرى نموذجي دوستويفسكي الأثيرين اللذين يظهران في كل أعماله تقريبًا: الإنسان الوديع، والإنسان الشرس. فمع أن الرواية تتخذ منحى هزليًا فإن شخصياتها تنقسم على نحو واضح إلى هاتين الصفتين. فالكولونيل روستانف محبّب إلى القلب، يتحمّل حتى الإساءة، ولذلك فهو يخضع عن طيب خاطر لإرادة أمه، بل إنه لمستعد أن يتزوج على مضض فتاة غنية لا يحبها. وهو يقبل المذلة والهوان الذي يلقاه من أمه التي تصدق أكاذيب فوما فومتش، الذي يتحكم بحياتها وحياته، ويتصرف بطريقة تبلغ حد السخرية المضحكة مع جميع من في البيت، بل في القرية كلها. فهذا المنافق امتلأت نفسه بغضًا وحسدًا ورغبة في التسلط والسيطرة، وأصبح طاغية يسخر بكل من حوله ويتهكم عليهم ويستهزئ بهم. وهو يعظ بالأخلاق ويتكلم في الدين ويدّعي أنه سيعتكف ناسكًا بعد أن ينهي تأليف "كتابه الأدب العظيم". ولكن ذلك كله ليس إلا كذبًا ونفاقًا، فهو لا يكتب شيئًا وكل ما يريده أن يحتفظ بسيطرته على الأم ليضمن المأوى المريح والحياة المرفهة في ستيبانتشيكوفو.

  • نُشرت قصة موت معلن عام 1981، ونالت شهرة واسعة. تروي قصة اغتيال سنتياغو نصّار على يد التوأمين فيكاريو. منذ بداية القصة يعلَن أن سنتيافو نصّار سيموت: إنه الابن الشاب لمهاجر عربي، والمتّهم في هتك شرف أنخيلا، أخت التوأمين، وكانت قد تزوجت في اليوم السابق، فرفضها زوجها لأنها ليست عذراء، وأعادها إلى أهلها.

    "لم يكن هنالك قط موتًا معلنًا كهذا"، وهذا ما يقوله من يتذكر الوقائع بعد سبع وعشرين عامًا من حدوثها: فالمنتقمان لم يتوقفا عن التصريح بنيتهما قتل سنتياغو نصار أمام القرية كلها، كما لو أنهما يريدان تجنّب ما فرضه عليهما القدر، لكن مجموعة من المصادفات تحول دون أن يتمكن من التدخل من هم قادرون على منع وقوع الجريمة، وبعض هؤلاء لم يصدّقوا، أو لم يحسموا أمرهم ويقررون التدخل إلى بعد فوات الأوان. وحتى سنتياغو نفسه يستيقظ في ذلك الصباح بلا هموم أو قلق، جاهلًا تمامًا بأمر الموت الذي ينتظره.

  • كتب غابرييل غارسيا ماركيز رواية "ليس لدى الكولونيل من يكاتبه" خلال إقامته في باريس التي كان قد وصل إليها كمراسل صحافي، وبنوايا سرية لدراسة السينما، في منتصف عقد الخمسينات من القرن الماضي. إلا أن إغلاق الصحيفة التي كان يعمل مراسلًا لها أوقعه في الفقر، بينما كان يعيد تحرير هذه الرواية الاستثنائية وصياغتها في ثلاث صيغ مختلفة، وقد رفضها في ما بعد عدة ناشرين قبل أن ينتهي الأمر بطباعتها.

    بعد الباروكية الفوكنرية في "عاصفة الأوراق"، تفترض هذه الرواية الثانية خطوة أخرى نحو التقشف، نحو الاقتصاد في التعبير، ويصبح أسلوب الكاتب أكثر نقاء وشفافية. كما أنها، في الوقت نفسه، قصة ظلم وعنف: قصة كولونيل عجوز متقاعد يذهب إلى المرفأ كل يوم جمعة لينتظر وصول الرسالة الرسمية ردًا على مطالبته العادلة بحقوقه مقابل الخدمات التي قدّمها للوطن. ولكن الوطن لا يتلفت إليه.

  • مرة أخرى يدخل دوستويفسكي عالم ملؤه المشاعر بكل أنواعها، فهنا نجد الحالات القصوى من الحب والعطف والشفقة والمواقف النبيلة، والاستعداد عير المحدود للتضحية، كما نجد الشر والظلم والكراهية والقسوة والتجبّر والكبرياء الذي يؤدي إلى التصرفات الغبية

    في هذه الرواية يقدم دوستويفسكي رؤيته لما في الحب الجارف من التباس وتناقضات، بل من ذل. وكيف أن هذا الحب حين يكون متطرفًا يدفع فيه الطرف الضعيف ثمنًا غاليًا. وهذا هو حال ناتاشا التي منحت قلبها وهجرب أهلها مضحية بكل شيء من دون تردد، فكانت مضطرة إلى تحمل تبعات هذا الحب، ومواجهة الشر الذي يمثله الأمير والد محبوبها أليوشا، والتغاضي عن ضعف حبيبها الطفولي وانقياده لأهوائه، وحتى تقبّل حبه لامرأة أخرى

    إضافة إلى النماذج العجيبة لشخصيات الرواية، وعوالمها الغريبة، فإن ما يجعل القارئ ينشد للرواية ويتابعها بشغف هي قصة الفتاة نللي ابنة الظلم والمعاناة والتي تحولت إلى متسولة في طفولتها حتى لا تخالف وصية أمها التي اوصتها وهي على فراش الموت بألا تذهب إلى الأغنياء حتى لا تفقد كرامتها

    يقول جورج هالداس عن الرواية: "إنها مدخل جيد إلى متاهة دوستويفسكي التي تشكل رواية "مذلون مهانون" المرحلة الأولى منها.

    إن ترجمة الدكتور سامي الدروبي ليست مجرد نقل نص إلى العربية، بل هي إبداع مترجم عشق أعمال دوستويفسكي، فنقل لنا ترجمة مبدعة أقرّ قراء دوستويفسكي بالعربية بأنها لا تُضاهى.

  • واحد من أكبر الأعمال الأدبية أثراً في زماننا. إن "مئة عام من العزلة" إنجاز أصيل مدهش للأديب الكبير غابرييل غارسيا ماركيز الفائز بجائزة نوبل للآداب.

    تحكي "مئة عام من العزلة" قصة نشأة مدينة ماكوندو الأسطورية وسقوطها من خلال رواية تاريخ عائلة بوينديا.. رواية مبتكرة، مسلية، حزينة، جذّابة، حية بما فيها من رجال ونساء لا يمكن نسيانهم. رواية ملؤها الصدق والتعاطف والشاعرية السحرية التي تعصف بالروح عصفاً. إنها قمّة من قمم الفن الروائي.

  • الديمقراطية هي الأساس ليس لفهم المشاكل وإنما للتعامل معها. وبمقدار حضورها كممارسة يومية، وكقواعد وتقاليد، تضعنا في مواجهة مباشرة مع المسؤولية، وتضطرنا، مجتمعين، للبحث عن الحلول ومراقبة تطبيقها وتحمل نتائجها، كما أنها تترك الباب مفتوحاً لمواصلة الاجتهاد والمراجعة والتطوير، بحثاً عن صيغ أفضل من خلال الارتقاء بالحلول التي تم التوصل إليها في وقت سابق. وهكذا تصبح الديمقراطية شرط التطور ووسيلته في آن، وتصبح الطريقة الفضلى لتجنيب المجتمع الهزات أو الانقطاع، وأيضاً الصيغة التي تفسح المجال أمام المشاركة القوى الحية والفاعلة والجديدة في تحمل المسؤولية. هذا الفهم للديمقراطية يجعلها الوسط أو المناخ الحقيقي للتفاعل وتبادل الخبرات والمشاركة، وبالتالي القاسم المشترك مع جميع القضايا الصغيرة والكبيرة

  • يواصل الدكتور محمد الحدّاد في هذا الكتاب مشروعه في الحفريات التأويلية ويقدّم "توصيفا مكثّفا" للفترة الحديثة للإسلام، أي الفترة الممتدة منذ القرن السادس عشر، عاملا على تشريح أهم سرديّاتها النمطية، وكشف الطابع المضلّل لمقولة "عصر الانحطاط" التي يعتمدها الباحثون عادة في دراستها. فهو يبرهن على أنها لم تكن انحطاطا بقدر ما كانت دورة حضارية جديدة انطلقت من مبادئ اتضح لاحقا أنها غير ملائمة للسياق العالمي الجديد. فكان من نتائج هذا الوضع أن فقدت الثقافة النمطية السائدة وسائل القوة وتحوّلت إلى مخزون للعنف متواصل إلى اليوم، كانت آخر وقائعه أحداث 11/092001/ وحاليا الانحراف الأصولي بالثورات العربية. ويطرح في نهاية الكتاب معالم نظرية في الإصلاح الديني، مؤكدا أن التغاضي عن المسألة الدينية في السياقات الإسلامية موقف لم يعد مقبولا لأن مخاطره عالية.

    الدكتور محمد الحدّاد أكاديمي تونسي، متحصل على الدكتوراه من جامعة السوربون بباريس، أستاذ كرسي اليونسكو للدراسات المقارنة للأديان (2004- 2016)، يعتبر من كبار المتخصصين العالميين في دراسة العصر الإسلامي للإصلاح والنهضة، وقد صدرت أعماله باللغات العربية والفرنسية والانجليزية والإيطالية واعتمدت في الطبعة الثالثة من "دائرة المعارف الإسلامية" و"مرجع أكسفورد للاهوت الإسلامي

  • في هذه الحكاية المضحكة، بعنوان التمساح، يحس القارئ بتأثير من جوجول في دوستويفسكي. إنها تذكّر بقصة جوجول عن مغامرة "الأنف" العجيبة. وهذا ما يعترف به دوستويفسكي نفسه. فكما تخيّل جوجول في سبيل الإضحاك أنفًا يتخذ وجه إنسان، كذلك تساءل دوستويفسكي، حين رأي تمساحًا جيء به إلى مدينة بطرسبرج: فما عسى أن يفعله إنسان يبتلعه هذا الحيوان حيًا؟ وهكذا ألّف دوستويفسكي حكاية مضحكة تشتمل على نقد للأفكار التي كانت رائجة حوالي العام 1860. إن بطل القصة، وهو موظف ليبرالي، يحس بارتياح في جوف التمساح. فهو يستطيع أن يضع هناك نظرية اقتصادية جديدة، وأن يفي محاضرات عن التاريخ الطبيعي في صالون زوجته التي يؤخذ إليها التمساح. والموظف الكبير تيموتي سيميوفتش، الذي تلجأ إليه زوجة الرجل مروعة مذعورة، يجيبها بأن التمساح لا يمكن أن يُبقر بطنه، لأن صاحبه أجنبي، ولأن روسيا محتاجة إلى رؤوس أموال أجنبية. لقد أثارت هذه القصة الاهتمام لأن دوستويفسكي اتُهم بأنه يهاجم الفيلسوف تشرنيشفسكي وجريدة "الصوت" اليسارية، وهو ما نفاه دوستويفسكي.

    لقد أراد دوستويفسكي من قصة زوجة آخر ورجل تحت السرير أن يقدم قصة هزلية، فهذه القصة أشبه بمسرحية من نوع "المسخرة"، حيث نرى زوجًا غيورًا ينتظر خروج زوجته في موعد غرامي ليقبض عليها متلبسة بالجرم، ثم نراه يدخل في حديث مع شاب هو عشيق الزوجة وكان ينتظرها هو أيضًا. ثم تخرج الزوجة مع شخص ثالث.. بعدها نرى الزوج الغيور يدخل بيتًا لا يعرفه، وعند وصول صاحب البيت يختبئ تحت السرير حيث يجد شابًا قد سبقه إلى الاختباء هناك.

Go to Top