-
السيرة العطرة للزعيم
كان الوحيد الذي يستحق زعامة هذا الشعب. لكن رياح التاريخ في بلادنا تهب دائمًا عكس مصلحتها.
كان الوحيد الذي فهم روح هذا الشعب العظيم. شعب استمرأ الخضوع لكل مستبد يمسك بخناقه كالدجاجة، شعب إذا شعر بالاختناق أكثر مما يجب ينتفض في النزع شبه الأخير ( يسمي المؤرخون ذلك ثورات ) ثم يسلم أمره لأول طامح إلى السلطة، شعب إذا أتيحت له المشاركة في انتخاب رئيسه يصوّت في اللحظة الحاسمة لمستبد جديد.
كان الوحيد الذي فهم روح هذه الشعب العظيم إذ هو منحدر من أعماقه، لم يأت من بلدية العاصمة ذوي الدماء الزرقاء ولا من السواحل التي سكنتها روح التجارة وروائح رأس المال العفن.
من روح هذا الشعب تشرّب قيمه وأسلوبه في العيش والتعامل وحتى في البذاءة المحببة إلى النفس. وجعل الله له نخبة من إخوان الصفاء يشدّون أزره.
لقد كان مهدينا المنتظر لكنه قصف في المهد.
وهذه الورقات من مناقبه وسيرته العطرة الفيحاء الزكية تستعيد نتفا من زعامته الخالدة. -
الشياطين 1/2
ضللنا الطريق فما عسانا فاعلين؟
الشيطان يجرّنا هنا وهناك
ويديرنا إلى كل الجهات
بهذه الأبيات من بوشكين، وبمقطع من انجيل لوقا عن الشياطين التي دخلت في الخنازير يفتتح دوستويفسكي روايته التي يعطيها عنوان “الشياطين”.
أما الشياطين فهم أولئك الذين يتصارعون على روسيا وليس من أجلها.في العام 1871 نشر دوستويفسكي الجزء الأول من روايته هذه، وتلك المرحلة كانت مرحلة الانقسامات والأفكار المتصارعة، حيث تنمو أفكار الاشتراكية، والأفكار التي تدعو إلى التحرّر من سلطة الكنيسة، وحيث سلطة الدولة تبدو أضعف، وروسيا ترى نفسها أقل من ألمانيا وبقية أوروبا.
عبر نماذج يختارها دوستويفسكي بعناية، من المجتمع الروسي، وهي نماذج لشخصيات حقيقية في جزء كبير منها ، يقدّم لنا صورة عن المجتمع الروسي في تلك الأيام، وعن النقاشات الواسعة التي كانت تدور حول الأفكار الجديدة، وحول رغبة رؤية روسيا في مصاف الدول الأكثر تحضّراً، وحول حياة الشعب الروسي. وتشكّل المناقشات حول القضايا الأدبية وحول الدين والايمان، وحول الخير والشرّ، والارستقراطية، والديمقراطية، وحرية التفكير، والصراع بين العلم والدين… الخلفية التي يبني عليها دوستويفسكي نماذج شخصياته. -
الطلياني
رغم كلّ شيء ثمّة أمْرٌ ما يربطهما أكثر من الزواج الذي ساقته الظّروف والصّدفة. حين تشرع شفتا الطلياني تمتصّان رضاب تلك القصبة المفكّرة وتجوس يداه في ملمسها اللّيّن، تصبح غصنًا أخضر غضًّا يتلوّى كلّما مسّتْه ريحُ الرّغبةِ. هذه النّبتة الشّيطانيّة مذهلةٌ قُلَّبٌ لا تستقرّ على هيئة واحدة. يراها غصنًا جافًّا أو جذعًا يابسًا أحيانًا. وتكون أحيانًا أخرى عُودًا منوّرًا طيّبَ الرّيح يجدّد الحواسّ التي تبلّدت.
ربّما كان ذلك بعض ما جعل طريقيهما يفترقان في أكثر الأيّام، ولكنّهما يلتقيان في لحظة لا يعرفان سرّها.
واعترفت زينة بأنّ الطلياني يمكن أن تراه في لحظات غضبه كجحيم “دانتي” أو سقوط “أورفيوس”،
ولكنّها تراه في لحظات شهوته عاشقًا هنديًّا مستعدًّا للموت عشقًا. لقد كان شهوة موقوتة لا تعرف متى تنفجر ولا تترك في الجسد مكانًا لا تصله الحروق اللّذيذة أو الشّظايا القاتلة..لم تصارح زينة عبد النّاصر برأيها هذا فيه. وهو كذلك لم يفعل. بيد أنّ في المسألة شيئًا دقيقًا عميقًا لم تتمكّن من فهمه. فقد كانت تأخذها في البداية سكرة ممزوجة برعدة كأنّها في حالة شطح للذّوبان في جسد عبد النّاصر والانصهار الكلّي فيه. جسده حقل مغناطيس بهيّ ينوّم الحواس ويستنفرها في الآن نفسه. يذهب بالعقل فتتخدّر الأعضاء كلّها. يجعلها تشعر في آن واحد بألم لا يُطاق ولذّة لا توصف. فتستسلم وترضخ. بيد أنّها حالَمَا تثوب إلى رشدها لا يبقى إلاّ ألَمٌ حادٌّ مروّع في أحشائها أسفل البطن، كأنّ إبَرًا غليظةً تنخرها من الدّاخل وتحرّكها يد خفيّة تظلّ تحفر وتحفر ولا تتوقّف.
-
الفقراء
في هذه الرواية سنتلمَّس الأغوار العميقة التي سينفذ اليها دوستويفسكي، والأعماق الميتافيزيقية التي ستذهب إليها رواياته في الغوص عميقاً في أبعاد الشخصية الإنسانية، وخاصة في تصوير حياة الفقراء والمهمَّشين والدخول إلى عوالمهم النفسية التي ستدور حولها معظم رواياته.
فالبَطلان في هذه الرواية مضطهَدان معذَّبان مذَلّان مهانان، يوقع فيهما الأشرار كل أنواع الظلم، ويتحملان من الفقر ما لا يُطاق. فيتحمّل ماكار الذلّ والجوع ويضحّي بكل ما يمكنه الحصول عليه، وهو قليل جداً، في سبيل الفتاة المسكينة التي لا يكاد يراها، ولا يجرؤ أن يزورها مخافة النمائم. إنه يرتضي لنفسه الحرمان من أجل إسعادها فيرسل اليها هداياه الصغيرة متحمِّلًا البرد والجوع والإذلال.
عبر الفقر الذي يعانيه ماكار ديفوشكين يكشف دوستويفسكي عن كل الفقر الذي يحيط به، وحين يهمّ الرجل أن يشكو ويتذمر من العذاب الذي يقاسيه الخيرون في هذا العالم، نراه يعود ليتراجع عن الشكوى والتذمر، مسلّمًا بالواقع، مذعناً لمشيئة القدر، همّه فقط أن يسعد غيره بسذاجة تحمل ببساطتها روحاً إنسانية مدهشة. -
القدس ظل آخر للمدينة
يتّخذ محمود شقير من حدث العودة إلى الأرض الفلسطينيّة نواة حارقة لتشابك الحاضر بالماضي والأحلام القديمة بالوقائع الأليمة. فتعبر كلماته المكتنزة بالشّوق من السّجن إلى المنفى ومن القدس إلى القدس بأسلوب وصفي دقيق يُعلي من التفصيلات حتى تظلّ الكتابة وشما للأمكنة ضدّ همجيّة المحو الاستيطاني. يكتب شقير بدافع ترسيم خريطة الشرعيّة التّاريخيّة للأرض وللكيان الفلسطيني. لذلك تتداخل الأمكنة بالشّخوص التي تُشرق عبر تقنيات الاستعادة، فالأموات يعودون إلى حياة الذّاكرة والأحياء يتدفّقون على محور الأمل في بناء الحاضر. ومن العائلة إلى الأصدقاء ينمو خيط السّرد كنموّ شجرة الأصول لهويّة مكتملة في الواقع والكتابة، لكنّها مهدّدة. لذلك لا يختفي محور الصّراع مع العدوّ الإسرائيلي في ردهات الكتاب. ويتقاطع الذّاتي بالموضوعي في واقعيّة تقطر بشفافيّة الخيال الأدبي لقيامها على عنفوان العاطفة، فتبدو الذّات الفلسطينيّة مشبعة بهويّتها ، وتسمو الكتابة بسيرة المفرد إلى سيرة الجماعة في نزوع لإثبات الوجود وكأنّ تجربة السّجن والمنفى والعودة هي اختزال لوحدة الحياة الفلسطينيّة وهي ممدّدة على الجرح العربي ومبثوثة في جوانب القدس وظلّها.
-
الكاتب والمنفى
يضم هذا الكتاب عدداً من الدراسات والمحاضرات والمقالات التي تتناول جوانب من فن الرواية إجمالاً، ويولي اهتماماً خاصاً بتبيان الأشكال والمعالم المميزة للرواية العربية الحديثة، سواء من حيث بنياتها أم في مناخاتها، أم في ارتباطها بمشاكل الواقع العربي وطبائع الناس ومزاجاتهم، وكذلك في العلاقة مع جذور القص في تراثنا العربي.. وهذه كلها مسائل جديدة تكتسب أهمية خاصة واستثنائية، كونها تصدر عن كاتب روائي عربي كبير له تجربته الإبداعية والعميقة والخصبة.
كما يضم الكتاب العديد من الحوارات التي تناولت مسيرة عبد الرحمن منيف الروائية والحياتية والفكرية والسياسية، ونظرته إلى آفاق الرواية وعالمها، إلى الأمكنة والأزمنة، إلى اللغة ودورها ودعوته للغة وسطى.إنه عمل يحمل وجهة نظر روائي كبير، يقدم إسهاماً له خصوصيته في مجالات النقد الأدبي وقضايا الإبداع
-
الكرسي الهزاز
يروح الكرسيّ الهزّاز ويجيء فارغا في حركة
مجنونة ثمّ تتواتر عليه الأجساد وتشتبه عليّ
الوجوه..
وجه أمّي منطفئا وحزينا ..وجه مراد مرتبكا وذاهلا
..وجه والدي فزعا وقاسيا ..وجهي مشرقا تارة
وغائما تارة أخرى..
تقترب الوجوه حتّى التّشوّه وتتناءى حتّى تصبح
نقطة في آخر النفق المظلم.
تنغرز أصابعي تمزّق قميص مراد تنهش الجسد المتوتّر..
حدّقت في ما حولي فزعة مرتعشة .. وقد تيبّس حلقي وجفّ ريقي..
بدا لي أنّي غفوت للحظات أفسد متعتها كابوس لم يبق منه إلاّ الوجع..
تطلعت الى الساعة ..قفزت الى الأرض
-
الليالي البيضاء
يحكي “فاسيا”، بطل الرواية” عن أحلامه وانفعالاته وحبه الرقيق الحنون، لكن هذا الشاب الذي يعيش حياة انعزالية ويغرق مشاعره القوية وأحلامه الرومانسية، ويحلم بالانتقال من دور الشاعر المغمور أول الأمر، إلى الكاتب المتوّج بأكاليل المجد، في حاجة إلى الخروج من هذه الحياة الخيالية. إنه في حاجة إلى أن يجد صديقًا ( أو صديقة ) ليستطيع أن يفضي بمشاعره. وها هو في ليلة من ليالي شهر مايو البيضاء بينما كان الضياء يضفي على المدينة النائمة طابعًا سحريًا، يلتقي بفتاة بائسة. تتعرض للتحرش من سكير فيندفع ليحميها. إنه يشعر نحوها بشفقة عميقة لأنه يرى أنها حزينة وأن ذكرى من الذكريات كانت تبكيها فيقدم لها صداقته.
-
المثل – قصة أليمة
كالعادة، يقدم لنا دوستويفسكي في رواية “المثل” صورة أخرى من صور النفس الإنسانية.
إن جوليادكين إنسان مزدوج الشخصية… فمن رآه من الخارج سمّاه مجنونًا وكفى.. أما دوستويفسكي فإنه يراه من الداخل، ويعيش معه تجربته النفسية، وهو لذلك لا يكاد يضحك عليه. بل على العكس، إنه يُبرز جانب المأساة في حياة إنسان يتعذب، لا عن ظلم اجتماعي فحسب، بل عن مرض نفسي قد يتصل بالظلم الاجتماعي. فمن لم يكن قادرًَا، بحد أدنى، من تجربة شخصية، على أن يرى ما يراه دوستويفسكي في بطله من الداخل، لن يستطيع أن يعرف كل العمق النفسي في تصويره شخصية هذا البطل بالعين البصيرة والريشة البارعة.وفي “قصة أليمة” نرى نقدًا، بل تهكمًا، لاذعًا على البيروقراطية الروسية أثناء الإصلاحات الكبرى في عهد ألكسندر الثاني. فقد وُجد في ذلك الزمان جيل من رجال جدد، رجال مثاليين يدعون إلى الإصلاحات الليبرالية. ولكن دوستويفسكي يصف لنا في هذه القصة، التمزق المضحك الذي يعتمل في نفوس أمثال هؤلاء الرجال، ويكشف عن النقص في عزيمة البيروقراطيين الذين ينتمون إلى هذا النظام الجديد. ويتخذ دوستويفسكي من الموظف الكبير، “الجنرال مدني” برالنسكي، نموذجًا لهؤلاء. إن برالنسكي رجل طموح يتحمس لتيار النهضة الاجتماعية الذي كان يهز نفوس الناس في ذلك العصر، فهو يعد نفسه ليبراليًا، ويتكلم بفصاحة وبلاغة عن الآراء الجديدة، ويدعو إلى النزعة الإنسانية، وينادي بحسن معاملة المرؤوسين. لكن النتيجة تأتي عكس ذلك، ويتكشف أن ليبراليته لم تكن إلا نزوة عابرة..
-
المجموعة 778
بطولات المجموعة 778 الفلسطينية التي كانت تقوم بعمليات ضد الاحتلال الصهيوني،في رواية تحكي لنا انطلاق “الطوفان” منذ الستينات.
قامت المجموعة 778، التي انزرعت في فلسطين المحتلة منذ 1948، بعملية تفجير مصافي البترول في حيفا. وقد قال عنها أحد الضباط الاسرائليين عند مرافعته أثناء محاكمة أفراد المجموعة” قد تظنون سادتي أنني أروي لكم قصة من عالم الخيال، أو الكتب، ولكن لأسفي الشديد، إن أحداث القصة قد وقعت بالفعل، وهؤلاء هم الفاعلون: فوزي أحمد النمر، ومحمد حسين غريفات، ويوسف أبو الخير، وعبد حزبور، وفتح الله السقا، ورامز توفيق خليفة “.
نستمع في هذه الرواية التسجيلية الى قائد المجموعة البطل فوزي النمر منفّذ عملية “تفجير مصافي البترول في حيفا”.. يروي لنا قصته وقصة رفاقه.
يحدثنا عن تفاصيل العملية، يحكي عن مسيرته وآرائه ومواقفه من نفسه، من رفاقه، من عائلته، من الثورة، من القيادة ومن أجهزة دولة العدو، من انتصاراته ومن عذاباته.
نحن مع رواية تسرد العمليات الفدائية ” المستحيلة” التي حصلت وتحصل وستحصل…
-
المقامر
على الرغم من أن دوستويفسكي أملى الرواية على سكرتيرة، وانتهى منها في أقل من شهر، فإنها جاءت نابضة بالحياة، ولقيت إقبالًا تجاوز معظم ما كان قد نشره دوستويفسكي من قبل. خاصة وأن فيها شيئًا مما عاشه وجرّبه بنفسه.
في هذه الرواية نرى تمزقات البطل ألكسي إيفانوفتش الذي يأسره حبّان جامحان، أولهما حبه الشديد لباولين القاسية غريبة الأطوار، والثاني الهوى الجارف لمائدة الروليت.
إن حبه لباولين هو مزيج من رغبة بالاستسلام، ورغبة بالهروب، إنه حب وبغض معًا، فألكسي يعترف لباولين بأنه يجد عبوديته لها ملذات كبيرة، فيقول لها أن في المذلة والسقوط متعة عظمى، وفي اللحظة التي تتقبل فيها حبه وتبادله مشاعره يفر.. أما هوى المقامرة، فإن دوستويفسكي يصوره كنوع من الافتتان، السحر، الهذيان، بل نوع من التحدي للقدر.
لكن بطل دوستويفسكي، ينتهي إلى اعتبار أن هذا الجموح عاث في نفسه فسادًا فتخلى عنه آخر الأمر.إن الترجمة التي يقدمها الدكتور سامي الدروبي لهذه الرواية البديعة تمنحنا القدرة على التمتع بهذا العمل الكبير، فكانت ترجمة لا تُضاهى.
-
النهايات
عالم النهايات أحداث تتحرك في خطوط تتوازى فيها الوقائع والرموز هي على مستواها الوقائعي تعود بك إلى تجربة أهل الطيبة، انتمائهم إلى الجذور، وذهولهم الدائم ازاء الحب والموت. وهي على مستواها الرمزي تعود بك إلى اكتشاف الإنسان، أينما كان، انتماءه إلى هذه القوى الغامضة في الكون التي تجعل من الحب والموت أعنف وأخصب ما في الطبيعة كلها. والنهايات مرتبة عميقة الأنغام للجنّة التي بقيت حاضرة في أذهان القرية. والروائي باختياره، الطيّبة، هذا الاسم الجميل لقريته هو اختيار رمزي، لأن كل قرية هي طيبة بالنسبة لأهلها… الطيبة تجمع بين معنى طيب المذاق والهواء والطبع، وبين معنى البقاء… فالطيبة هي أيضاً العائشة الحية.
-
باغندا
بدأت الحكاية على نحو مفاجئ، وانتهت بسرعة دون أن أتمكّن من كشف خفاياها. كان إحساسي بالقهر وتعطّشي لمعرفة الحقيقة قد دفعاني طيلة سنة تقريبا، إضافة إلى عنادي وبحثي عن سبق صحفيّ وأوهامي عن صحافة الاستقصاء، إلى الاشتغال على ملفّ الجوهرة السوداء في تاج كرة القدم التونسيّة «باغندا».
فتحتُ صناديق كنت أجمع فيها أوراقي ومقالاتي ورسائلي فخرج باغندا من تلافيف الذاكرة كالنبتة الشيطانيّة.
وها أنا أسعى إلى ترميم ذاكرتي وإعادة تركيب شتات من حكاية باغندا ولملمة نثار من قضيّة حُكم فيها بإسدال ستار من الصمت عليها وعلى ضحيّتها. فوقتها، أواخر سنة 1987، كانت البلاد تعيش حربا ضَروسا بين سلطة بورقيبة المتهاوية وبين الإسلاميّين الذين توهّموا أنّ السلطة تناديهم وما عليهم إلاّ أن يقبضوا عليها.
واليوم لم يعد أحد يذكر الحكاية أو ربّما لا أحد يريد أن يذكرها. -
بين الثقافة والسياسة
هذا الكتاب الذي يحمل عنوناً محدداً: “بين الثقافة والسياسة” يهدف بالدرجة الأساسية إلى طرح عدد من المشاكل، هي أقرب إلى الأسئلة أكثر
مما يدعي تقديم الإجابات الكاملة أو الحلول.فعلاقة الثقافة بالسياسة إشكالية كبرى في هذه المرحلة، لأن الخيبات الكثيرة التي تلاحقت خلال المراحل الأخيرة ولدت مناخاً ملتبساً، وهذا المناخ حمل معه أوهاماً، الأمر الذي يقتضي فتح حوار واسع من أجل الوصول إلى صيغة جديدة تحدد العلاقة بين الثقافة والسياسة وبين المتثقفين والسياسيين.
وما يقال عن الثقافة والسياسة، يقال عن علاقة الإعلام بالثقافة ودور المثقف في المرحلة الراهنة، والنظرة إلى عصر النهضة، الصعود والإخفاق، وأيضاً الانهيار الكبير والمدوي للاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي دون أزمة سياسية أو هزيمة عسكرية، وحول تأثير النفط على المنطقة العربية بأسرها. هذه الموضوعات، وأخرى غيرها، رأيت أن تطرح كإشكاليات تتطلب إعادة الدرس والتأمل، لأن عن هذا الطريق يمكن أن نقرأ الأحداث والظواهر قراءة هادئة وموضوعية، تمهيداً لفهمها ثم التعامل معها بصيغة أفضل.
-
تزوجيه
“بهجة لم أتوقعها! تقدم لوري غوتليب نفسها نموذجًا لقصة بحثها الخائب عن زوج. قصة معروضة من خلال مزيج من الصدق وروح الفكاهة القاتمة… الحقيقة ليست جميلة، لكنها قد تكون قادرة على تحريرنا”. نيويورك تايمز بوك ريفيو
“تزوّجيه… كتاب مخيف ومقنع إلى حد مفاجئ”.
ذا أوبرا ماغازين
* * *
لديكِ عمل يرضيكِ، وشقة ممتازة، وصديقات رائعات. إذًا، ما المشكلة إن كنتِ لم تعثري بعد على [الرجل] الذي في ذهنك؟ سوف يظهر ذات يوم -تقولين- أليس كذلك؟ لكن… ماذا لو لم يظهر؟ أو، ماذا لو كان ذلك [الرجل] أمامك، لكنك تجاوزتِه ولم تلتفتي إليه؟ تتساءل لوري غوتليب التي تجاوزت الأربعين ولا تزال عازبة: ما الصفات التي هي قُوام الرضى الرومانسي الدائم؟ وهل نحن نبحث عنها في علاقاتنا العاطفية؟ هل المبالغة في التدقيق تأخذنا إلى أمور ثانوية فنغفل عن الصفات المهمة ؟
تستطلع غوتليب في هذا الكتاب معضلة شائعة جدًا: كيف السبيل إلى التوفيق بين الرغبة في زواج سعيد وبين قائمة الصفات التي لا بد من توفرها والصفات التي لا يمكن القبول بها؟ إنها قائمة بالغة التعقيد!
في سعيها للإجابة عن هذا السؤال، تنطلق غوتليب في رحلة البحث عن الحب لدى علماء وأطباء وباحثين في العلاقات الزوجية، وكذلك لدى نساء ورجال من المتزوجين والعازبين من أجيال مختلفة.
إنها رحلة استكشاف في عالم العلاقات العاطفية الحديث، رحلة معمَّقة طريفة مؤلمة صادقة دائمًا، رحلة تجلو البصيرة وتنبّه العازبات إلى ضرورة النظرة الواقعية لاختيار [الرجل الجيد إلى الحد الكافي]. -
جبل الجلود
“…كانتْ العَزْري وهي تكبُر تحمل ضغينتها في صدرها، لا تحكي وجيعتها، تذهب إلى المدرسة نافرة، وتعود إلى الدار كارهة، وحتّى لعب كرة القدم الذي تعوّدت عليه مع الأولاد صار ممنوعا، فقد منعها أترابها بادّعاء أنّ ذلك مسّ من رجوليّتهم، وكذلك اللعب بالكجّة، فقد برّحتها أمّها ضربا حتّى كادت تكسر أصابع يديها، فرمي الكجّة يقتضي وضعيّات مخلّة بالحياء، تكشف المؤخّرة، وقد تبرز المقدّمة. …”
“هذه الرواية لتوفيق العلوي، نصّ ملحميّ، بطله تاريخ تونس المعاصر بتقلّباته وتناقضاته. لا بطل فردا واحدا فيه، إنَما بطله جماعات تسعى وأخرى تنافح. الدخّ والعزري وللّا والمغسّل وأبو سنيور شخصيّات تصارع الزمن، ويتصارع بعضها مع بعض في نسق لا ينفكّ يتحوّل. وبطل الأبطال جبل الجلود أيقونة لتاريخ تونس المعاصر من عهد الاستعمار إلى زمن العشريّة المأزومة السابقة. ورمز الرموز في هذا الجبل ” ڨلتة حويتة” التي ابتلعت ما ابتلعت من أحوات بشريّة. هذه الملحمة صاغها توفيق العلوي في سرد رائق حلَاه وصف نافذ مشتقّ ممّا تختصّ به كلّ شخصيّة، وأنطق الشخصيّات بأقوالها التونسيّة الفصيحة في مقاماتها الحميمة بعد أن سمّاها تسميات من صميم واقعها المعيشيّ.
واللافت أيضا ما جرى في هذا النصّ الرائق من أساليب الهزل الذي يبطن الكثير من الجدّ. “
-
حبيبتي ميليشيا
انتصبت. أضاءت في وهج المشاعل عيناها. كانت عيناها سوداوين والجفون ناعسة. تطاول سرحان مـن خلف موج الرجال. أطل فيهما. خر ساجداً. عشتروت في عشيرته لما تزل. منذ عهد بابل ترقص، على حـداء الرجال الساجدين على قدميها. أطفئت مشاعل الخيام في أسفل الغور. وعشتروت ترقص. الحداء يعلو. يقوى.
– اِعِّهوي. اِعِّهي. اِعِّهوي. اِعِّهي.
اشتعلتا عينا وضحا. اتسعتا. توهجتا. توهــج النهر. غمره الضوء. خرّ خلف الصخرة ساجداً سقطت دهرية من وجه كشاف النور الآتي من الضفة الأخرى خلفه. همست.
– سرحان.
أفاق. التفت خلفه. عينان مشعلتان. انتفض
– وض .. دهرية..
زحفت إليه. أسندت ظهرها إلى الصخرة بجانبه. تمتمت…
-
حلم العم
في تعليقه على رواية “حلم العم” قال دوستويفسكي: “كان همي الوحيد حين كتبت في سيبيريا هذه الرواية الأولى بعد المعتقل أن أستأنف حياتي الأدبية، وكنت خائفًا من الرقابة خوفًا كبيرًا، لذلك جاءت وجلة كحمامة، بريئة براءة تامة من الممكن أن تصنع منها مسرحية هزلية”.
هكذا كانت رواية حلم العم، كأنما أراد دوستويفسكي أن يبتعد عن تصوير حالة الفقر والبؤس والنفوس الطيبة عن طريق رواية تصوّر حياة الأرستقراطية الروسية بصورة هزلية.
فالشخصية الأساسية: “العم” هو أمير أرستقراطي روسي مفتون بالغرب، يعرف أوروبا الغربية أكثر مما يعرف روسيا، ويريد أن يتزوج من كونتيسة فرنسية.
تدرك مجموعة من نساء الأرستقراطية الروسية شغف الأمير، وتدور منافسة على من منهن ستزوجه من ابنتها. وتدخل السيدة الأشهر في المدينة المنافسة وتقرر فجأة أن تزوج الأمير من ابنتها زينا الفتاة الجميلة. ترضخ الفتاة لرغبة أمها، وتفتنه لأنها غنّت أغنية فرنسية وهي تعزف على البيانو.
إن دوستويفسكي حين صوّر هذه الشخصية إنما قدّم للقارئ صورة كاريكاتورية للأرستقراطية المنحلة المفتونة بحب الغرب. وسنرى نظيرًا لهذه الصورة الكاريكاتورية، بمزيد من السخرية اللاذعة، في رواية “الشياطين”. -
حِنّة
لماذا تكتب حياتك؟ وأي حياة تستحق أن تكتب؟” سنلاقي الجواب في نهاية الطريق الأول من هذه الحياة حين يكتمل تعرفنا على حياة طفل عاش في الضنك وعرف وأهله المشاق والأهوال وأمكنه في معمعها أن ينتصر على الموت بإرادة البقاء، كأنما تنزع إلى الخلود وهي تخطب تدوين ذات بالكتابة.
أحمد المديني
“حنّة ” هي واحدة من أهم تجارب السيرة الذاتية في تونس والوطن العربي، لا تستمد أهميتها ممّا توفّره من صور ومشاهد عن البيئة المحلية في الجنوب التونسي في الخمسينات من القرن الماضي فحسب وإنّما مما يعتمل فيها من تساؤلات حول السيرة الذاتية بوصفها موضوعا علميا انكب على دراسته المؤلّف ردحا من حياته الأكاديمية.
عامر أبو عزّة
الرواية السيرية “حنة” للروائي التونسي محمد الباردي اشتغل فيها صاحبها الناقد الدارس والروائي المبدع على تفاصيل حميمية ترتبط بمحكي الجسد من جهة ومحكي المكان من جهة ثانية خاصة لما للمحكيّين من تعالق كبير وأثر مهم في سيرورة حياة الشخصية المطروحة في أوراق حنة بكثير من الصراحة والجرأة التي تغيب عن كثير من النصوص الروائية التي تتكئ على محكي الذات الساردة.
بوخاري كريمة
محمّد الباردي
أكاديمي تونسي اختص بمجال السّرديات المعاصرة. وله عديد الكتابات عن إنشائية الرواية وما فيها من قضايا. روائي تجريبي كتب عديد النصوص الروائية الآسرة مثل الكرنفال وحنّة وديوان المواجع وشارع مرسيليا.
-
خبر اختطاف
في عام 1990، وبسبب خوف بابلو إسكوبار، الرأس المدبر لميدلين كارتيل، من أن يُسلّم إلى أمريكا، اختطف عشر شخصيات كولومبية بارزة بهدف استخدامها كأوراق ضغط في مفاوضاته مع الحكومة.
بعين الأديب وأسلوبه، يصف ماركيز محنة الضحايا وظروف احتجازهم المحفوفة بالمخاطر، والدراما الغريبة لمفاوضات تحريرهم. ويصوّر لنا وجع كولومبيا بعد ما يقارب من أربعين سنة على انتفاضة المتمردين وإعدامات فرق اليمينيين وانهيار العملة وانتشار ديمقراطية ناركو.
بتكثيف سينمائي، ولغة جميلة، وتوثيق صحفي محترف، يوغل ماركيز في قلب المرض الذي أصاب بلده الحبيبة، ويعرض لنا كيف تغلغل المرض في كافة طبقات المجتمع من القروي البسيط إلى شخص رئيس الجمهورية.